التربية الجمالية في الإسلام


  النصوص الشرعية 
قال تعالى : يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ ﴿31١  سورة الاعراف  

عن البراء رضي الله عنه قال ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ "رواه النسائي .

قال تعالى : وَلَقَد جَعَلنا فِي السَّماءِ بُروجًا وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرينَ ﴿16٦  سورة الحجر  

قال تعالى :  إِنّا جَعَلنا ما عَلَى الأَرضِ زينَةً لَها لِنَبلُوَهُم أَيُّهُم أَحسَنُ عَمَلًا ﴿7سورة الكهف  

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:﴿ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ ﴾ أخرجه مسلم .

قال تعالى : وَالأَنعامَ خَلَقَها لَكُم فيها دِفءٌ وَمَنافِعُ وَمِنها تَأكُلونَ ﴿ 5﴾ وَلَكُم فيها جَمالٌ حينَ تُريحونَ وَحينَ تَسرَحونَ ﴿6    سورة النحل 

قال تعالى : إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴿6سورة الصافات
  

  التـــحــــلــــيل
اهتمام الإسلام بالجمال : 
اعتنى الإسلام بتربية جسم المسلم و روحه و أخلاقه و عقله و عاطفته ، وحبب إليه الطبيعة و ما تزخر به من ورود و انهار و جبال و طيور من أجل إدراك جمال الخالق سبحانه وتعالى و قدرته على الإبداع . 

من مظاهر عناية الإسلام بالجمال : 
- الأمر بالتأمل في الكون المخلوق بإبداع و إتقان .
- توجه المسلمين إلى صلاة الجمعة او العيد مرتدين ثيابا نظيفة و متطيبين .
- الاستماع إلى القراء و هم يتلون كتاب الله بترتيل و تجويد و بأصوات جميلة رائعة 


مفهوم الجمال في الإسلام : 
الإنسان بطبعه ميال إلى الإحساس بالجمال و تذوقه و الاستمتاع بمشاهدته ، و هو نعمة زان الله بها الكون للدلالة على جماله سبحانه ، به تحلو الحياة و تصفو القلوب و ترتاح العيون و ترق المشاعر و تتعلق النفس بخالقها ،و الجمال في حقيقته تناسق بديع بين العناصر المكونة للشيء فتتناسب فيما بينها شكلا و لونا و حجما و قوة و حركة ... و من أنواع الجمال :
1 – جمال طبيعي وهبه الله تعالى لمخلوقاته المختلفة ليستمتع به الإنسان ويشكر نعم ربه.
2 – جمال فني من صنع الإنسان يمتاز بصفة الدقة و الجودة و الإتقان كالبناء المعماري ..
3 – جمال معنوي يتمثل في صدق الإيمان و الذي ينتج عنه جمال في الأخلاق و المعاملة . 


حرص الإسلام على جمالية المسلم : 
لم يحرص الإسلام على جمالية المسلم في مظهره فقط لباسا و نظافة و طهارة فحسب ، بل أمره ايضاب :
1 - القول الحسن و تجنب كلام السوء..
2 - خفض الصوت عند الكلام مع الآخرين التصرف معهم بلطف و أدب – أصدقاء،أهل، جيران، أساتذة ..
3 - تنظيم و تنظيف مكان النوم و الاكل و مكان الجلوس .
4 - المساهمة في نظافة القسم و المؤسسة و المسجد و كل المرافق ...حفاظا على جمالية المنظر العام .
و قد وضع الإسلام حدودا للتمتع بالجمال دون كبر مع الجمع بين جمال الباطن و جمال الظاهر


التربية والسلوك الذوقي والجمالي   بقلم محمد بركة
اعتنى الإسلام بمسائل الجمال والتجمل والذوق الجميل والحس الجميل عناية فائقة، وتحدث القرآن الكريم عن الجمال والزينة والطِّيب، وبيَّن للإنسان ما في عالم الموجودات من جمال وزينة، وأنّ له الحقّ في التجمّل والتطيّب والتزيّن والاستمتاع.
قال الله تعالى: [إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا]. (سورة الكهف: 7).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله جميل يحب الجمال، ويحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (التجمّل مروءة ظاهرة).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الرائع والقدوة الحسنة في الأناقة والتجمّل وسمو الذوق والتطيّب.
إنّ التربية الذوقية والجمالية والحسّية تربّي لدى الإنسان -لاسيما الشباب- الذوق الجميل، وتجسّد الحسّ السليم، ولها تأثير عظيم في أنماط السلوك الإنساني والروابط الاجتماعية.
وهي أيضًا تفتح الأفق النفسي والعقلي والوجداني لدى الإنسان، وتشدّه إلى مبدع خلائقه ومصوّر جمالها في هذا الوجود الله عزَّ وجلَّ، الخالق المبدع المصوّر الخبير العليم.
فالجمال والتربية الجمالية والخيال الخصب والذوق الجميل والحسّ الرقيق يعتبر طريقًا إلى معرفة الخالق جلّت قدرته؛ لأنّ ذلك دليل على عظمته سبحانه، وعلى الارتباط العقلي والوجداني به تعالى.
فهذا الكون من سماء وأرض؛ كلّ ما فيهما من تناسق وجمال وروعة ونظام وترتيب ما هو إلا لوحة فنية خلابة، ومصدر إلهام فنّي وذوقي وجمالي.
وقد أكّدت بحوث علماء الإسلام القيم الإنسانية والمثل العليا (الحقّ والخير والجمال)، وجعلتها هدفًا ساميًا في هذا الوجود، يسعى المرء لبلوغها، وتحقيق مرادها، وبناء الحياة على أساسها. وأقاموا قيمًا وأسسًا ومفاهيم تشريعية لتنظيم السلوك الفردي والعلاقات الاجتماعية والروابط الإنسانية، فجعلوا الحسن والجمال أساسًا لبناء الحياة.
ومن نظرة الإسلام العظيم إلى الحسن والجمال يتعيّن على الآباء والمعلّمين والمربّين تأصيل وتعميق هذا الشعور الإنساني اللطيف في نفس الأولاد منذ طفولتهم، وتحبيب الجمال والتجمّل إليهم؛ فإنّ تربيتهم على هذه القيم تعني تنمية الذوق اللطيف والحسّ الجمالي لديهم وتعمل على تهذيب سلوكهم وأخلاقهم، وإرهاف حسّهم الذوقي، وتجذير قدرتهم على التمييز بين الشيء الحسن والآخر القبيح، والتفاعل مع الجمال المادي والمعنوي.
إنّ تعويد الإنسان منذ نعومة أظفاره على الأناقة والجمال والزينة، والذوق الأدبي والأخلاقي، ولمسه للعناية الأسرية بهذه المظاهر اللطيفة، ومشاهدته آثار الجمال على البيت، من هندسة بنائه وترتيب حديقته، وتنظيم أثاثه، وترتيب الطعام على المائدة، وكذلك استصحابه في التجوال والسفر، وتمتّعه بمشاهدة الطبيعة الجميلة، وانتباهه إلى مواطن الجمال، وكذلك غرس الأبوين في نفسه روح التأثّر بالمظاهر الجمالية، كلّ هذا يوجِد فيه حسًّا ذوقيًّا وجماليًّا لطيفًا.
كما أنّ الإطراء والمدح على اهتمامه بمظهره وقيافته، وعنايته بترتيب لوازمه وأدواته، وتنظيم وتصفيف لعبه، وكذلك تشجيعه على إنتاجاته الفنّية المرهفة والذوقية مهما كانت بسيطة، كلّ ذلك يعدّ من المحفّزات الضرورية لتنمية الذوق الجميل والحسّ الفنّي والقدرة الإبداعية والأداء الفني الجميل.
كما أنّ نقد وتقبيح مظاهر القبح، وإشعاره بالنفور والتقزّز من المظاهر والمناظر القبيحة والفاقدة للجمال، يكوّن لديه حسًّا نقديًّا وتمييزيًّا، وذوقًا سليمًا، ويركّز في نفسه الإقبال على الحسن والجمال من الفعل والقول والسلوك والأشياء، والنفور من أشكال ومظاهر القبح والفساد ومعانيهما.
وينبغي أن نربّي أولادنا على أنّ الجمال كما يتجسّد في الموضوعات الحسّية -كالمظهر في اللباس والعطر والحدائق وطراز بناء البيوت وهندسة الشوارع وتخطيط المدن واللوحات والواجهات الفنية- فإنّ الجمال كذلك يتجسّد في القيم الأخلاقيّة العليا، والمثل الأدبية السامية الرفيعة، وكذا في الكلمة الطيّبة والمنطق الحسن والكلام المؤدبّ والأسلوب المهذّب، والمعاملة الحسنة والمعاشرة الجميلة، وفي فعل الخير واحترام حقوق الآخرين. وذلك حتّى ينشئوا ويكبروا على القيم الأخلاقية النبيلة، والتحسّس للجمال، وتوظيفه في تهذيب السلوك وتسامي الذوق ورفعة الأدب والأخلاق الكريمة.
ولاهتمام الإسلام بالجمال، وطبع شخصية الطفل بطابعه، وتوفير العناصر الجمالية في حياته تراه قد دعا الناس إلى انتقاء المرضعة الحسنة، وكرّه أن ترضعهم المرأة القبيحة.
فلو أعددنا شبابنا الإعداد الفني والذوقي والجمالي الحسي، فإنّنا في الحقيقة نكون قد أعددنا مجتمعًا إسلاميًّا ذوّاقًا ساميًا مرتّبًا منظّمًا قويًّا، وذلك من مظاهر القدرة والمنعة ومن عناصر الحضارة ومعالم رقيّها.

0 comments :

إرسال تعليق

 
إلى الأعلى