حق النفس


 النصوص الشرعية 
قال الله تعالى : ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ.... ﴿٦﴾ سورة التحريم – الايه 6.

قال عز وجل : ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ..........﴿٢٨٦﴾. سورة البقرة 286 .

قال الله تعالى : : ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿٨ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿٩ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴿١٠ ﴾. سورة الشمس ، الآيات : 7 -8-9-10

قال تعالى : ﴿ وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ ﴿٢٥﴾ سورة الأنبياء - الآية : 25 .
  
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:﴿ الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّار . ﴾ أخرجه البخاري من رواية ابي هريرة .  

قال سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما : "إِنَّ لِرَبِّكَ عليك حَقًّا، وإِنَّ لِنَفْسِكَ عليك حَقًّا، ولأهْلِكَ عليك حَقًّا. فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له ، فقال النبي عليه السلام : ﴿ صدق سلمان . ﴾. أخرجه البخاري في الصحيح . 

التـــحــــلــــيل 

انواع النفس في القران الكريم :
ا -النفس الامارة بالسوء : وهي النفس التي تأمر الانسان بفعل السيئات و علاجها استحضار الخوف من الله تعالى مثال : قصة يوسف مع امرأة عزيز مصر – زوليخا – "سورة يوسف " .

ب – النفس اللوامة :
 هي النفس التي تندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم نفسها .

ج – النفس المطمئنة : و هي النفس التي سعدت بربها .

و النفس مع الإنسان تنقسم إلى صنفين : صنف تقوده نفسه لكل الشهوات و صنف يجعل نفسه مطية لطاعة الله حتى تنقاد ، قال تعالى : " و نفس وما سواها " .


تعريف النفس:
هي جوهر الذات الإنسانية ، و هي أشرف ما في الإنسان ، و المسؤولة عن أفعاله الحسن منها و القبيح . و هي شيء تقوم عليه حياة الإنسان فبها يحيا و بها يشعر و بها يعبد ربه و يشعر بحلاوة الإيمان اذا رباها على ذلك ، كما يشعر بسوء المعصية اذا ارتكبها . و نفسك ليست ملك لك ، فهى من الله و إلى الله و يجب عليك كمسلم أن تديمها على طاعة الله حتى تلقاه .

من حقوق النفس :
العمل على إصلاحها ، و إسعادها ، و صيانتها عما يفسدها و يشقيها ، مع اشباع رغبات الجسد و الروح في اعتدال و توازن كالأكل و الشرب و اللباس و العمل و العبادة ... 

تحريم الإسلام لكل ما يضر بالنفس :
حفاظا على النفس البشرية ، أمر الإسلام بالقيام بكل ما بإمكانه أن يسعدها و يساعدها على طاعة الله ، و حرم كل ما يضر بها . مثال :
- منع الاعتداء على أعضاء الجسم  .
- تحريم قتل النفس التي حرم الله الا بالحق : سواء بالاعتداء عليها او بالانتحار . و حـــد لذلك حدودا حيث شدد العقوبة على قاتل النفس .
- تحرم كل التصرفات المنحرفة كالتدخين و شرب الخمر و تناول المخدرات وكل ما يؤدي بالنفس الى التهلكة .

 أحوال النفس في القرآن الكريم
لقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالنفس الإنسانية لأنها أعظم ما خلق وأبدع، وجعل قَسَمَه بها سابع قسم شمل خلق السموات والأرض. قال تعالى: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 1 - 7]. ثم بيّن الله تعالى أنّه ألهم نفوسنا دوافع الخير ونوازع الشر: ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 8]، ولكنّ هذا الخير وهذا الشر ليسا قدراً مسيطراً على شخصية الإنسان لا مندوحة عنه، بل بإمكان الإنسان أن يزكو بنفسه ويرقى بها، وبإمكانه أن ينحطّ بها ويتدهور بشأنها ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾[الشمس: 9، 10]. لذا كان النبي (يُكثر من هذا الدعاء: "اللهم آت نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها".

أمّا أنواع النفوس التي عرضها القرآن الكريم فهي:
1- النّفس الأمّارة بالسّوء:
وهي النفس التي تأمر الإنسان بفعل السيّئات والتي أخبر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[يوسف: 53]. فهي تأمر صاحبها بفعل كل رذيلة، تسيطر عليها الدوافع الغريزية، وتتمثل فيها الصفات الحيوانية، وتبرز فيها الدوافع الشريرة، فهي توجّه صاحبها بما تهواه من شهوات. وأخبر سبحانه وتعالى عن تلك النفس أنها أمّارة - بصيغة المبالغة - وليست آمرة لكثرة ما تأمر بالسوء، ولأنّ ميلها للشهوات والمطامع صار عادة فيها إلاّ إنْ رحمها الله عز وجل وهداها رشدها.

2- النفس اللوّامة:
هي التي أقسم بها الله تعالى: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2]. فاللوامة نفس متيقّظة تقيّة خائفة متوجّسة، تندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم نفسها. تبرز فيها قوة الضمير فتحاسب نفسها أولاً بأوّل، وهذه كريمة على الله، لذلك أقسم بها في القرآن. ومن أحسن أقوال التفاسير عن النفس اللوامة قول الحسن البصري: "إنّ المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه؛ ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قُدُماً ما يعاتب نفسه".

3- النفس المطمئنة:
هي التي اطمأنت إلى خالقها، واطمأنت في بسط الرزق وقبضه وفي المنع والعطاء. وهي النفس المؤمنة التي استوعبت قدرة الله، وتبلور فيها الإيمان العميق والثقة بالغيب، لا يستفزها خوف ولا حزن، لأنها سكنت إلى الله واطمأنّت بذكره وأَنِسَت بقربه فهي آمنة مطمئنّة، تحسّ بالاستقرار النفسي والصحة النفسية، والشعور الإيجابي بالسعادة، رضيتْ بما أوتيتْ ورضي الله عنها فَحُق لها أن يخاطبها رب العالمين بقوله: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾[الفجر: 27 - 30].


نفسٌ تمسّكت بالحق وسارت عليه هدىً ونبراساً لها في شؤون الحياة على الأرض. ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلا بالله وذكره كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد:28]، فإنّ طمأنينة القلب سكينة واستقرار بزوال القلق والانزعاج والاضطراب عنه، وهذا لا يتأتّى بشيء سوى بالله تعالى وذكره.


أخيراً: يمكن أن ننظر إلى النفس مثل كائن حيّ يتطور ويتغيّر، ولذلك يجب أن نغيّره باتجاه الأفضل، وينبغي أن نعلم أن التغيير يبدأ من الداخل، وعلينا أن نحفظ قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد:11]. فالنفس قد تكون تارة أمّارة وتارة لوّامة وتارة مطمئنّة في اليوم الواحد، بل في الساعة الواحدة يحصل لها هذا وهذا، وها هنا موضع مجاهدة النفس وتزكيتها؛ التي تعني أن تنقل نفسك من حمأة النفس الأمّارة إلى إفاقة النفس اللوّامة ثم إلى نقاء وطهارة النفس المطمئنّة والثّبات على ذلك، وحتى تعرف أين موقع نفسك أمام هذه الدرجات وأين يقف المؤشر فانظر إلى الصفة الغالبة.


هذه هي أحوال النفس التي تتردد عليها فهل نراجع أنفسنا؟ اعرف نفسك، "ومن عرف نفسه عرف ربه"، هنا يكمن سرّ السّعادة، ففي القرآن الكريم نجد الدّواء النّاجع:
 ﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38].



0 comments :

إرسال تعليق

 
إلى الأعلى